مؤسسة عين السلطان للدراسات

الملخّص    

تهدف هذه الدراسة بيان شرعية عروبة القدس بين الأبعاد الاستراتيجية والوجود الإسرائيلي ، حيث قامت هذه الدراسة على فرضية مفادها : ” أنّ هناك علاقة ارتباطية بين شرعية عروبة القدس والأبعاد الاستراتيجية الفلسطينية والوجود الإسرائيلي على أرض القدس ” ، وقامت للإجابة على السؤال المحوري التالي : ” ما الأبعاد الاستراتيجية التي يمتلكها الفلسطينيون في مواجهة الوجود الإسرائيلي على أرض القدس ؟ ” ، هذا وللإجابة على السؤال المحوري والتحقق من فرضية الدراسة فقد استخدمنا المنهج الوصفي التحليلي والمنهج التاريخي .

هذا وقد خلصت الدراسة إلى صحة الفرضية والإجابة على السؤال المحوري المشار إليه ، وخلصت الدراسة إلى عدة استنتاجات أهمها : أن القدس مدينة عربية تحتل مركز الصدارة في القضية الفلسطينية ، وأن الشعب الفلسطيني تردفه القوة وفق الاعتبارات الاستراتيجية يفوق ما هو عليه الكيان الصهيوني ، وأنّ الوجود اليهودي في فلسطين لا شرعي وفق المنطق التاريخي والقانون الدولي .

الكلمات المفتاحية :  الشرعية  ، الأبعاد الاستراتيجية  .

 

 

 

 

 

The legitimacy of the Arab identity of Jerusalem between the strategic dimensions and

the Israeli presence

 

 

Abstract

This study is based on the premise that “there is a correlation between the legitimacy of the Arab identity of Jerusalem and the Palestinian strategic dimensions and the Israeli presence on the land of Jerusalem” and answered the following central question: “What are the dimensions? The strategy of the Palestinians in the face of the Israeli presence on the land of Jerusalem? “, And to answer the central question and verify the hypothesis of the study we have used the analytical descriptive approach and historical approach .

The study concluded with a number of conclusions, the most important of which are: Jerusalem is an Arab city that is at the forefront of the Palestinian cause, and the Palestinian people are guided by strategic considerations rather than the Zionist entity. In Palestine is not legitimate according to historical logic and international law.

Keywords    : Legitimacy, strategic dimensions.

 

 

 

 

 

المقدمة :

إنّ تفتيت القضية الفلسطينية كما هو واقع الآن قادها إلى شيء من الغموض والتيه ، فأصبح الحق الفلسطيني غير واضح ويقترب من الضياع ، يقابل ذلك عملية إسرائيلية ممنهجة ومخطط لها استراتيجيا لتضليل الرأي العام الدولي شعوبا وأنظمة في معرفة حقيقة وماهية الدولة الإسرائيلية وأهدافها الكولونيا لية ؟ ، مما أدى إلى توفير الحماية لها من القوى الغربية العظمى ، كمشروع غربي وظيفي يقسّم الوطن العربي ويفتته ويحمي مصالح الدول الغربية حتى تستمر سيطرتها على المنطقة وإن بمستويات متفاوتة ، فكانت قضية فلسطين الأكثر تحت تأثير نزعة التجزيء المتعمّد ، ولأنّ القدس تشكّل أهمية في الوعي العربي والإسلامي ، فإنّ رمزيتها في الصراع العربي الإسرائيلي تظهر بوضوح في توحيد العالمين العربي والإسلامي ، إضافة إلى أنها قلب القضية الفلسطينية ، كما أنّ المشروع الصهيوني المتمثل في دولة إسرائيل يعتبر القدس الأساس في بناء الدولة ، ويسعى بكلّ ما أوتي من قوة أن تكون القدس عاصمة موحدة وأبدية لدولته ، ومن خلال الواقع السياسي الفلسطيني والعربي الضعيف نجد أنهما لم يقدما ما هو واجب لتحرير القدس ولا فلسطين ، وسبب ذلك حالة النظام العربي المتصدع ومعاناته الفرقة والتشتت وهذا ينسحب على الحالة الفلسطينية بشكل أسوأ ، مما يعني أن قضية القدس وحدها وفلسطين معها لم ولن تحسم في ظلّ الوضع العربي القائم ، واستغلال إسرائيل ذلك بتنفيذ واقع جغرافي جديد على الأرض ، باستخدام وسائل التخلص  من فلسطينيي القدس بطرق تعسفية مختلفة ، لإحداث تغيير ديمغرافي يعبّر عن واقع لصالح دولة إسرائيل ، ولأن قضية القدس تمرّ بأسوأ مراحلها ، ارتأينا أن لهذه الدراسة خصوصية قد توضح بعض مواطن الخلل في مسيرة تحريرها.

أهمية الدراسة : هناك أهميتان لهذه الدراسة هما :

 

  • الأهمية العلمية : حيث تنبع هذه الأهمية بتوفير ما يلزم من معلومات حول مدينة القدس ، وذلك من أجل أن تكون القدس حاضرة في أذهان الباحثين من عرب ومسلمين ومناصرين للقضية الفلسطينية وخاصة القضية المقدسية ، وهذه تكون بمثابة الزاد المعرفي لهم عند الحديث عن القدس أو استحضار ما يجري على أرضها .
  • الأهمية العملية : وتنبع هذه الأهمية من خلال الوقوف على المخططات المعادية من قبل الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين ودرّتها القدس ، وتمكين أهل الاختصاص وصنّاع القرار بوضع مخططات تقابل المخططات المعادية لتفشلها .

مشكلة الدراسة وأسئلتها : تكمن مشكلة الدراسة في بيان الشرعية العربية لمدينة القدس والأبعاد الاستراتيجية التي يمتلكها الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل القدس ، هذا وقد تم التعبير عن مشكلة الدراسة في السؤال المحوري التالي : ما الأبعاد الاستراتيجية التي يمتلكها الفلسطينيون في مواجهة الوجود الإسرائيلي على أرض القدس ؟ ، ويتفرع عن هذا السؤال الأسئلة الفرعية التالية :

1- ما أهمية القدس في القضية الفلسطينية ؟ .

2- ما الأبعاد الاستراتيجية للشعب الفلسطيني ؟ .

3- ما مشروعية الوجود الإسرائيلي في القدس ؟ .

4- ما الأخطاء الاستراتيجية بحق القضية المقدسية ؟ .

فرضية الدراسة : قامت هذه الدراسة على أساس فرضية رئيسية قوامها 🙁 أن هناك علاقة ارتباطية بين شرعية عروبة القدس والأبعاد الاستراتيجية الفلسطينية فيما يتعلق بقوة الدفع الفلسطيني والوجود الإسرائيلي على أرض القدس ) .

أهداف الدراسة : تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية :

1- بيان أهمية القدس في القضية الفلسطينية .

2- إبراز الأبعاد الاستراتيجية للشعب الفلسطيني .

3- بيان مشروعية الوجود الإسرائيلي في القدس .

4- التعرّف على الخطأ الاستراتيجي الذي لحق بالقضة المقدسية .

مصطلحات الدراسة :

– الشرعية : هناك أنواع متعددة من الشرعية منها : ” تقيّل غالبية أفراد المجتمع للنظام السياسي وخضوعهم له طواعية ، لاعتقادهم بأنه يسعى لتحقيق أهداف الجماعة ويعبر عن قيمها وتوقعاتها، ويتفق مع تصورها عن السلطة وممارساتها”  ( كواكو ، 2001 ، 27 ) ، ومن أنواع الشرعية ، الشرعية الصهيونية : وهي حالة القبول التي تدعيها لنفسها الحركة الصهيونية ( المسيري ، 2006  ، 526) ، أما مفهوم المشروعية فهو :  “ legality ” بمعنى خضوع نشاط السلطات الإدارية ونشاط المواطنين للقانون الوضعي. أي أن الشرعية مفهوم سياسي بينما المشروعية مفهوم قانوني ( الزاملي ، 2014) .

الأبعاد الاستراتيجية : وتعرّف أنها : ( تلك الجوانب المتعلقة بالأهداف والوسائل التي تبلغنا الأهداف المرسومة ) ( عبد الباقي ، 2009، 33 ) ، في حين تعريفا من وجهة أخرى بأنها ( الركائز الأساسية التي يعتمد عليها صناع القرار في بلوغ أهداف دولتهم ) ( سموحي ، 2010، 37 ) ، ونحن بدورنا نرى الأبعاد الاستراتيجية أنها : ( الجوانب الأساسية التي لا يمكن إغفالها عند وضع أهداف الدولة والوسائل الملائمة لتحقيقها ) .

منهجية الدراسة :

لقد استخدمنا في هذه الدراسة المنهج التاريخي والمنهج الوصفي التحليلي ،لاختبار الفرضية و للإجابة على السؤال المحوري ومجموع التساؤلات المطروحة في هذه الدراسة ، والوصول إلى النتائج والتوصيات .

الدراسات السابقة :

هناك  الكثير من الدراسات المهمة حول القدس ، ارتأينا أن نأخذ منها ما يلبي الحاجة في  دراستنا على صعيد اللغتين العربية والإنجليزية   :

– دراسة نوفل أحمد ( 2015 ) والموسومة ب : ( الأبعاد السياسية لقضية القدس ) ، وقد هدفت هذه الدراسة إلى بيان الأبعاد السياسية التي تحيط بمدينة القدس وذلك من خلال تحليل المواقف الدولية والعربية والإسرائيلية ،ومشاريع التسوية المبنية على أبعاد سياسية ، على اعتبار أنّ الصراع حول المدينة غير مرتبط فقط لأهميتها الدينية ، وقامت الدراسة على فرضية مفادها : أن الأهمية الدينية لمدينة القدس ليست هي وحدها محط الصراع ، بل هناك أسباب سياسية ذات علاقة بذلك الصراع ، وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي ووصل في نهاية البحث إلى صحة الفرضية وعددا من الاستنتاجات أهمها : أن هناك أبعاد سياسية ذات أبعاد دولية جعلت من الصراع حول المدينة المقدسة قضية معقدة ليس بالسهل الوصول إلى حلول لها .

– دراسة محمود ( 2015 ) والموسومة ب ( القدس بين سياسة التهويد وتناقضية الاستراتيجية الأمريكية ) هدفت الدراسة إلى بيان المواقف الاستراتيجية الأمريكية تجاه عملية التهويد التي تقوم بها سلطات الكيان الصهيوني ، لما لها من تناقض وإيهام إزاء ما يحاك تجاه المدينة ، هذا وكانت مشكلة الدراسة تتمحور حول السؤال المحوري التالي : ما الأبعاد الحقيقية لمشكلة القضية المقدسية ؟ ، وقد اعتمد الباحث للإجابة على السؤال المحوري وتحقيق هدف الدراسة على المنهج التاريخي والمنهج الوصفي التحليلي ، وقد خلص الباحث إلى استنتاجات عديدة أهمها : أن المواقف الأمريكية من القضية المقدسية متناقضة وتميل لصالح الجانب الإسرائيلي في كل الأحوال .

– دراسة أبو شريعة ( 2015 ) والموسومة ب ( مستقبل القدس و احتمالات الحلول ) ، وقد هدفت الدراسة إلى بيان مستقبل القدس واحتمالات الحلول وفق سيناريوهات احتمالية ، وقد قامت الدراسة على فرضية مفادها : ” أنه ليس هناك أي احتمال لحل القضية المقدسية على ضوء واقع عربي ضعيف وممزق لا يقوى على فرض الحلول المطلوبة ، وقد اعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي والمستقبلي ، وتوصل في نهاية البحث إلى صحة الفرضية وإلى عدة استنتاجات أهمها : أنّ مستقبل القدس في ضوء الظروف الراهنة لا يكتنفه أية حلول ، وأنّ الجانب الإسرائيلي هو الأقوى ويفرض الحل الذي يرتئيه مناسبا لصالحه .

– دراسة الهزايمة ( 2011 ) والموسومة ب ( القدس في الصراع العربي _ الإسرائيلي ) ، حيث هدفت الدراسة إلى بيان التحولات المستقبلية التي تنتظرها المدينة المقدسة ، وقد قامت الدراسة على فرضية مفادها : ” أنّ القدس سيتم تغيير وجهها العربي الإسلامي إلى وجه غربي خالص ” ، وقد استخدم الباحث عدة مناهج والتي يمكن أن نعبّر عنها بالمنهج المتكامل ، وتوصل الباحث إلى استنتاجات أهمها : أن القدس في ظل الضعف العربي سيحقق اليهود أهدافهم فيها

– دراسة الباحث (عبد التواب مصطفى ، 2010) ” ضياع القدس … مسؤولية من ؟ ” . تناول فيها الباحث كل القمم التي التأمت من طرف منظمة المؤتمر الإسلامي منذ عام 1969 و القمم العربية  لا جدوى منها سواء للقضية الفلسطينية أو القدس ، على العكس ازداد وضعهما سوءا وتدهورا وضياعا ، وأن هذا الفشل الذريع من جميع القمم أعطى الفرصة لإسرائيل بأن تنفذ مخططاتها في القدس وبناء المستوطنات والعمل على تهويد المدينة ، حتى يشكّل اليهود أغلبية ساحقة ، ويرى الباحث أنه لم يُقدّم للقدس سوى الوعود وترك أمرها لمفاوضات الحل النهائي ، كما يشير إلى الانشقاق الكبير الذي أحدثته حماس في قطاع غزة مما أضعف الوحدة الفلسطينية ، وأوهمها أنها باتت تشكل نظام حكم ، ووضعت الفصائل الفلسطينية والإرادة العربية والإسلامية في مواجهة البيئة الإقليمية والدولية الرافضة لهذا النوع من الحكم ، وخلص الباحث إلى أن منظمة المؤتمر الإسلامي أوهمتنا أنها تدافع عن القدس ، وأن حماس أجهزت على الوحدة الفلسطينية ، وأن القمم العربية ساهمت بذرّ الرماد في العيون ، وهم مسؤولون عن ضياع  ، وان هناك مبادرة لعقد مؤتمر دولي حول القدس لتوزيع دمها بين الأطراف المشاركة .

– دراسة الباحث ( كريم منصور ، 2017 ) “التحولات الإقليمية في المشهد العربي وتأثيرها على قضية القدس ” قدّم فيها الباحث التحولات في البيئة العربية والإقليمية التي تنعكس على القضية الفلسطينية والقدس بشكل خاص ، وظهر ذلك في بعض عمليات التنسيق مع إسرائيل من قبل بعض الدول العربية ، من أجل مواجهة بعض الجماعات الإسلامية والتمدد الإيراني من جهة أخرى ، وقد ركزت الدراسة على مدينة القدس التي تشهد حالة غير مسبوقة من الاجراءات الإسرائيلية بهدف تهويدها وإفراغها من أهلها ، وقد استغلّت إسرائيل انشغال العرب بقضاياهم مما ساعدها على تغيير الواقع السياسي والديني والديمغرافي في القدس ، وقد توصلت الدراسة إلى : استغلال اسرائيل التطورات التي نتجت في الدول العربية عقب الربيع العربي ، وسخّرت ذلك لصالحها ، وأنّ القدس كانت الأكثر تأثرا بالتحولات الإقليمية ، إذ قامت إسرائيل بفرض واقع جديد عليها ، فقامت بزيادة عدد المستوطنين وتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى .

إن هذه الدراسة تختلف عن الدراسات السابقة لكونها غطّت جوانب لم تتناولها الدراسات السابقة ، كما أنّ هناك من الاختلافات لم تتعرض لها ، والتي هي في أهمية الأبعاد الاستراتيجية التي يمتلكها الشعب الفلسطيني ، وكذلك تناول الخطأ الاستراتيجي التي اتخذته القيادة الفلسطينية والمتعلق بإعلان أوسلو .

أولا :   أهمية القدس والأبعاد الاستراتيجية :

        إنّ للقدس أهمية عظمى في الصراع العربي الإسرائيلي ، ولما كان الفلسطينيون هم الطرف الأول في الصراع ، فلا بدّ من أبعاد استراتيجية يتمّ الاتكّاء عليها ، وفي هذا الصدد سنتناول أهمية القدس والأبعاد الاستراتيجية في الفقرتين التاليتين وهما :

1 – أهمية القدس في القضية الفلسطينية :  من الأهمية بمكان أنّ نذكر أنّ مدينة القدس تعرضت لكثير من الغزو والتدمير والاحتلال ، ويتم بعد ذلك إعادة بنائها من جديد بعد خروج الغزاة ، ومن الصعب القول أيضا أنّ من بقي في المدينة من الأعراق أو الديانات المختلفة الأخرى هم الأساس وليس الاستثناء ( Maurizio,2001,208, Eli. ,2011,170  ) ، ويرى باحثون أنّ تاريخ المدينة المقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود بات أكثر رتابة خلال أل 5500 عاما التي أمضتها المدينة ، إذ عانت أكثر من غيرها من الحصار والهجمات والفتوحات والكوارث ، كما أضافت لها السنوات الحالية اضطرابات جديدة إلى سجلها الواسع ( Paolo  2012, 50 ,William , 1971,27 ) .

نتيجة حرب 1948 كانت مدينة القدس مقسمة إلى شطرين : الشطر الغربي خضع لإسرائيل ، والشرقي الذي يضم الأماكن المقدسة خضع للأردن ، وفي حرب عام 1967 تغّير الوضع بشكل جذري ، إذ احتلت إسرائيل القدس بالإضافة لكامل الضفة الغربية ، واستمرار هذا الاحتلال يتعارض مع القانون الدولي الذي تؤكده سلسلة قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ، والتي حددت الشطر الشرقي من القدس جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 67 ، ولهذا فإنّ اتفاقية جنيف لعام 1949 بشأن حماية المدنيين وممتلكاتهم في الأراضي المحتلة تنطبق بالكامل على سكان القدس الشرقية ، إذ تمارس عليهم إسرائيل التضييّق بكل أشكاله لتهجيرهم وإحلال عائلات يهودية حتى في بيوتهم ( Armstrong , 1997,109 ) ، وتزعم إسرائيل أنها احتلت الجزء الشرقي من المدينة بدعوى الرد على الحرب التي شنتها الأردن عام 1966مما أدى إلى انتهاك اتفاقية الهدنة لعام 1947 (Golden , 2011, 207-213 ) ، ويرى معظم خبراء القانون الدولي : أن الحق في الدفاع عن النفس لا  يعني الحق في تمدد السيادة إلى مناطق جغرافية جديدة ، ويعتبر هؤلاء أنّ ضم إسرائيل للقدس الشرقية – بعد تعديلها لمركز المدينة – غير قانوني (57 Hasson , 2007, )

وتعتبر إسرائيل العرب الذين يعيشون في القدس الشرقية مقيمين دائمين ، لهم نفس المكانة الممنوحة للأجانب الذين يختارون الإقامة في إسرائيل ، ويمنح هذا الوضع السكان العرب الحق بالتصويت في الانتخابات البلدية ، ولا حق لهم في انتخابات الكنيست الإسرائيلي ، ولذلك الفلسطينيون لا يشاركون في الانتخابات البلدية ولم يطالبوا بالجنسية الإسرائيلية ، و اشتراكهم في الانتخابات يعني أنهم يعترفون بأنّ القدس إسرائيلية (27  Paolo , 2012, Menachem , 2001,21, ) ، وفي الاتفاقية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والكرسي الرسولي في الفاتيكان بتاريخ 15/2/ 2000) تضمنت : حرية المعتقد والدين للجميع ، والمساواة القانونية للديانات التوحيدية الثلاث ولمؤسساتها وأتباعها ، والحفاظ على الهوية الذاتية للقدس ودياناتها وتراثها الثقافي ، وأن يكون نظام قضائي للوضع الراهن ينطبق على الأماكن المقدسة Maurizio , 2001,208)  ) ، وهذا في رأينا يعتبر اعترافا ضمنيا بسيادة منظمة التحرير على القدس مع التحفظ على وجود اتفاق مماثل مع إسرائيل .

وقد أشار أبا إيبان مندوب إسرائيل آنذاك في الأمم المتحدة في 15 / 5 / 1949 برغبة إسرائيل بالخضوع لقرارات الجمعية العامة ، والتي تعترف بمصالح المجتمع الدولي المشروعة (  Maurizio , 2001,208 ) ، وفي رأي الباحث هذا ما لم تقم به إسرائيل منذ نشأتها ، إذ لم تقم بتنفيذ أي من القرارات التي صدرت بحق فلسطين والفلسطينيين أو بحق القدس سواء صدرت من الجمعية العامة أو مجلس الأمن ، بالإضافة للقرارات التي صدرت من الهيئات الأخرى التابعة للأمم المتحدة .

وتكمن أهمية القدس بالنسبة للدولة الفلسطينية في أنها تقوم ببناء وحدة الشعب الفلسطيني ، كما أنها تشكل المقوّم الأساسي والمهم في مشروع التحرير ، فالدولة الفلسطينية بدون القدس جسد بلا روح ، فهي تعتبر المركز المعنوي في القضية الفلسطينية  (Abu-Amr., 1995 ,6-7 , Saead ,1995, 2 ) وتلعب دورا هاما في توحيد العالمين العربي والإسلامي ، والصراع الجاري على القدس في ظاهره سياسيا وفي باطنه دينيا ، وينحو هذا الصراع تجاه هدف وحيد لمن تكون السيادة ؟ ، فيرى باحثون أنّ إسرائيل تتفوق على النظام العربي والفلسطيني في أمر السيادة على القدس وتثبيت الشرعية ، فعندما يجتمع المفاوض الفلسطيني الرسمي مع الإسرائيليين في القدس الغربية ولا يستطيع زيارة أي موقع في القدس الشرقية ، فإن إسرائيل قد تكون حسمت أمر السيادة وهي كما ذكرنا أنها أساس الصراع على القدس ، ولهذا فإن تعّلق الفلسطينيون بالإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واللجنة الرباعية كان وهما ، ولا يوفر السيادة للفلسطينيين على القدس (مخول ، 2009 ، 92 ) .

2 –    الأبعاد الاستراتيجية للشعب الفلسطيني : يتفوق النضال الفلسطيني ضد إسرائيل في أبعاده المتعددة برغم تفوق إسرائيل عسكريا بالإضافة للدعم الغربي المطلق ، إذ يتميز المشهد الإسرائيلي بمعارضة الأحزاب لحكومة نتنياهو لخضوعه للأحزاب اليمينية المتطرفة ، كما أن حزب العمل الإسرائيلي يتهم نتنياهو بالجمود في المسار السلمي ، وأنه يعرّض إسرائيل للانتقاد والضغط من قبل المجتمع الدولي ، ولهذا فرض حزب بيتنا نفسه على الائتلاف الحكومي وطرح مجموعة من القوانين بدت فيها إسرائيل أكثر يهودية ، ومن جملة هذه القوانين ما يخص القدس ، إذ اعطت هذه القوانين أولوية وطنية إسرائيلية للقدس ، وذلك بمزيد من تهويدها وطرد الفلسطينيين منها ( التقرير الاستراتيجي الفلسطيني ، 2011 ، 69-71) ، ولأن البعد الاستراتيجي للشعب الفلسطيني متنوع ومتعدد وله دوره في النضال الفلسطيني .

أ – البعد الفلسطيني : إن الشعب الفلسطيني اليوم مجزأ اليوم إلى جزأين : الأول خارج الديار ويطلق عليهم فلسطينيو الشتات  ، والثاني داخل الخط الأخضر ( عرب إسرائيل ) ، وسنوضح ذلك على النحو التالي :

أ أ– فلسطينيو الشتات : شارك هذا المجتمع في نضاله من أجل قضيته قبل قيام إسرائيل وبعد قيامها ، وقاد حركته الوطنية بعد فشل الدول العربية في تحرير فلسطين في حرب عام 1948 ، وقوي بعد احتلال ما تبقى من فلسطين بما فيها القدس في حرب حزيران عام 1967 ،  و مازال هؤلاء متعلقون بحق العودة حسب القرار الأممي رقم 194 الذي صدر عام 1948 ، وينص على حق العودة والتعويض عن استخدام ممتلكاتهم طيلة فترة الاحتلال وغيابهم ، كما تشير قرارات الجمعية العامة في مضمونها لذلك حسب القرار 2452 ، والذي يتضمن ما ورد في القرارين 194 و 513 ( خير ، 1996، 148 ) .

يقول ” ناثان تشوفشي ” وهو إسرائيلي من تل أبيب : ” ليس إلا الثورة الداخلية فقط هي القادرة على شفاء شعبنا من مرضه القاتل المتمثل في حقده الذي لا مبرر له على العرب ، وسيجلب هذا الحقد ، ولا شك الدمار علينا في نهاية الأمر ، فعندئذ وعندئذ فقط سيعلم الصغير والكبير في بلدنا عظم مسؤوليتنا تجاه أولئك اللاجئين العرب البائسين المظلومين ، الذين أسكنا في مدنهم يهودا جُلبوا من أقصى الأرض ، وورثنا بيوتهم ، وها نحن الآن نبذر حقولهم ونحصدها ، ونقطف ثمار بساتينهم وبياراتهم وكرومهم ، وقد أنشأنا في مدنهم التي سلبناها منهم بيوتا للتعليم والصدقات والصلوات ، هذا بينما نتشدق ونهذي قائلين : إننا أهل الكتاب ونور الأمم ” ( هداوي ، 1982 ، 9) .

أب – فلسطينيو الداخل 1948 : في رأي بعض الباحثين ” أن الجنرالات اليهود اعتبروا أنفسهم أنهم اخفقوا في احتلال كامل القدس عام 1948 ، كما اعتبروا أنّ احتلال القدس القديمة – الجزء الشرقي – انتقاما من إخفاقهم وإكمالا للمشروع الاستعماري ، وأن التمييز العنصري هو أداة من أدوات إسرائيل الاستعمارية تتمثل في الاقتلاع والتطهير العرقي ونهب وطن وإلغاء حق تاريخي لشعب في وطنه ” (مخول ، 2009 ، 100) .

وفي قراءة لأوضاع فلسطيني 1948 أو ما يطلق عليهم “عرب إسرائيل ”  ، يرى الباحث أنهم يشكلون رأس حربة في النضال الفلسطيني ، وأنهم بمثابة قنبلة داخل الجسم الإسرائيلي ، لأنهم تعرضوا لكثير من العنصرية والتهجير الداخلي من قراهم وبيوتهم إلى قرى عربية أخرى ، وحاولت إسرائيل فصلهم عن المجتمع الإسرائيلي في إطار جغرافي محدد كي تتمكن من السيطرة عليهم حين الحاجة ، كما تم استغلال أراضيهم وانتزاعها منهم .

ب – البعد العربي : منذ قيام جامعة الدول العربية وتبنيها قضايا التحرر والاستقلال للشعوب العربية ، بقيت قضية فلسطين تأخذ حيّزا مهما ومركزيا في جامعة الدول العربية ، إذ بادرت الجامعة على إثر قيام دولة إسرائيل في 15 /5 / 1948 بعد فشل الجيوش العربية في إنقاذ فلسطين في نفس العام ، بادرت الجامعة من ذلك الحين إلى اتخاذ إجراءات مقاطعة إسرائيل ، والدول التي تتعاون معها اقتصاديا وثقافيا ، وهذا أقل ما يمكن ، ومع ذلك كانت وما زالت – مع اختلاف مواقف بعض الدول العربية – قضية فلسطين والقدس من أهم أعمال مؤتمرات القمة العربية ، إذ لم تخل قمة من وجودها على رأس جدول أعمالها ، كما انها لم تتوانى بالاهتمام بقضية القدس نظرا لمكانتها الدينية والتاريخية ، فقد كان من أهم قرارات مؤتمر الجزائر عام 1973 تحرير القدس العربية – وكأن هناك قدس غير عربية ! – وعدم القبول بأي وضع يمسّ السيادة العربية الكاملة على القدس وهي محتلة !، وظلت القدس موضع اهتمام العرب واعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية (الأزعر ، 2009 ، 104 ) .

أما الدور الأردني في القدس ، فالمعروف تاريخيا أن القدس كانت العاصمة الروحية للأردن بعد وحدة الضفتين عام 1948 ، ففي تلك الحرب وقفت جيوش العرب عند خط الهدنة مع إجراء بعض التعديلات في شمال فلسطين ، وسيطر الجيش الأردني على الشطر الشرقي للقدس ، واستطاع أن يحافظ على ما تبقى من فلسطين التاريخية – الضفة الغربية – وبسط الإسرائيليون سيطرتهم على القدس الغربية ، وأعلن اليهود دولتهم في 14/5/1948 وعاصمتها القدس ( الشريدة ، 2014 ، 118- 119) ، ويضيف الباحث ” أنّ اليهود أعادوا إعلانهم في كانون الثاني عام 1950 حيث جاء فيه : ” على الرغم من الحق التاريخي لليهود في إسرائيل ووعد بلفور القاضي بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين وكذلك صك الانتداب الصادر عن عصبة الأمم المتحدة ، ولأنّ أي من هذه لم يتضمن الإشارة لتأسيس دولة يهودية ، فإنّ الوجود القانوني الذي تعترف به إسرائيل هو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني عام 1947 لأنه يتضمن الإشارة الصريحة لتأسيس دولة يهودية ” ( الشريدة ، 2014 ، 119 ) ، وبقي الشطر الشرقي من القدس ضمن الحكم الأردني إلى أن تمّ احتلاله مع الضفة الغربية في الخامس من حزيران عام 1967 ، التي كانت تشكل جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية  ( سويد ، 1997 ، 180 ) .

ج – البعد الإسلامي : رغم أهمية القدس ومكانتها الدينية عند الشعوب الإسلامية ودولها ، إلا أنّ الاهتمام الرسمي بقضية القدس بدأ بعد حريق المسجد الأقصى على يد متطرف إسرائيلي في 21 / 8 / 1969 ، وعلى إثر ذلك تأسست منظمة المؤتمر الإسلامي (زكريا ، 209 ، 126) ، فاتخذت من مدينة جدة بالسعودية مقرا مؤقتا لها ، إذ ستكون القدس المقر الدائم لمنظمة المؤتمر الإسلامي بعد تحريرها (سرحان ، 1996 ، 12 ) ، واعتبرت هذه المنظمة إحدى المنظمات الإقليمية والدولية التي تُعني بشؤون القدس ، وهدفها تحدّد في أن تكون القدس عاصمة دولة فلسطين في المستقبل بعد التحرير ، وأن يكون لهذه المنظمة دور في الحفاظ على تراث المدينة القديمة الإسلامي والمسيحي (شهاب ، 1990 ، 129 ).

وهناك من يرى أن الجهود التي بذلتها منظمة المؤتمر الإسلامي ، تجاه القضية الفلسطينية عموما والقدس خصوصا موضع انتقاد ، لأنها لا ترقى إلى حجم القدس دينيا ولم تصل بعد إلى درجة التحديات التي تواجهها المدينة ، ولا يليق هذا الجهد المتواضع بالمعاناة التي يتعرض إليها الفلسطينيون من مسلمين ومسيحيين (سرحان ، 1996 ، 129) .

ثانيا : شرعية الوجود الإسرائيلي والخطأ الاستراتيجي :

إنّ الوجود الإسرائيلي في فلسطين عامة والقدس خاصة بين أمرين ، الأول يراه مشروعا ، والثاني يراه غير مشروع ، وما يتعلق يهذا الوجود فقد كان هناك خطأ استراتيجي تبنته منظمة التحرير الفلسطينية والمعروف بإعلان أوسلو ، وفي هذا التوجه نبين ما يلي :

1– شرعية الوجود الإسرائيلي في القدس :

        يرى بعض المفكرين السياسيين أنّ من يسيطر على عاصمة الدولة المحتلة يسيطر على الدولة بكاملها ، ففي التاريخ سيطرت ألمانيا النازية على كثير من العواصم الأوروبية المحيطة بها في الحرب العالمية الثانية ، وهذا هو الانتصار بحد ذاته في الفكر الصهيوني ( الجدبة ، 2011، 98 -125 ) ، إذ استمدت الحركة الصهيونية استراتيجية التهويد الصهيوني بطريقتين ، الأولى : إضفاء الطابع الإسرائيلي على القدس ، والثاني : استخدام الإيديولوجيا نحو التهويد ، بهدف تحقيق النبوءات التوراتية لإقامة المجتمع والدولة اليهودية ( مراد ، 1996  ، 50 -54 ) .

ولهذا تم توظيف الجانب الإيديولوجي لدى حاخامات الكنس اليهودية في الخطاب السياسي عند العلمانيين الذين لا يؤمنون بالدين ، وقد اعتقد هؤلاء العلمانيون أن مفهومي شعب الله المختار والأرض الموعودة لو ألغيا من خطابهم السياسي لانهارت أسس الصهيونية ( القرضاوي ، 1994 ، 13) ، وبرز ذلك في خطاب ليفي شكول – رئيس وزراء سابق – الذي اعتبر أنّ احتلال القدس الشرقية عام 1967 يعني العودة إلى المدينة التوراتية التي بقيت مشتاقة إلى عودة اليهود إليها منذ ألفي سنة ، كما أن تصريح وزير الدفاع موشييه دايان الذي أشرف على احتلال القدس عام 1967 – وهو علماني – كان تصريحه لحظة وصوله إلى حائط البراق في القدس ” لقد عدنا إلى أقدس مواقعنا ولن نتركها مرة ثانية ” ( الدقاق ، 1999 ، 24 ) .

ومع أنّ هذا الادعاء الديني يرفضه الكثير من الباحثين الغربيين ويرون أن التفسيرات التوراتية غير دقيقة فإن ” Alfred  Gullaume” يرى أن ما ورد في الإصحاح ( 13 / 15 ) : ” جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك إلى الأبد ” وبوضوح أكثر ما ورد في الإصحاح ( 15 / 18 ) ” لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات ” ، وفي تفسير للباحث أن من نسل إبراهيم العرب أبناء إسماعيل ، ويتابع أن في عهد إبراهيم مع الله بواسطة الختان ( سفر التكوين ، 17 / 18 – 9 ) وُعِد بملك كنعان ملكا أبديا فكان ذلك لإسماعيل – أي للعرب – الذي جرى ختنه لأنّ إسحق لم يكن قد وُلد بعد (Luke & Others ,1930 , 233 -234) ، كما يرى Ovid Sellers” “أن كلمة إسرائيل لا تعني وحدة جغرافية أو عرقية أو سياسية ، بل جماعة من المؤمنين ، وقد توصل Frank Stagg ”  “إلى نتيجة مفادها الإخفاق في فهم تعاليم العهد الجديد في نقطة من أهم نقاطه حيوية ، وهو أنّ إسرائيل الحديثة سواء الدولة أو الشعب اليهودي و ” إسرائيل الله ” شيئا واحدا (Jeffries , 1939  ,237-238) .

وفي رأي الحاخام “ Elmer Berger  ” : “ما من يهودي أرثوذكسي يعتقد بأن دولة إسرائيل الحالية قد خرجت إلى حيّز الوجود في عملية يقصد بها تنفيذ أوامر العهد القديم ، بل هناك يهود أرثوذوكس يتبرأون من الدولة الإسرائيلية الحالية باعتبارها تدنيسا لنصوص الكتاب المقدس ” ( هداوي ، 1982 ، 40 ) ، ويتضح ذلك من ممارسة اليهود التقليديين الذين يعيشون في حي مياشيرم في القدس حيث تقيم مجموعة ناطوري كارتا ، الذين يعتبرون أنّ دولة إسرائيل ظاهرة مدمرة لعقيدتهم ، ولذلك يتحدّون حكومة إسرائيل في كثير من أعمالهم ، وما يثير هؤلاء مزاعم دولة إسرائيل من مقدم مدينة القدس الجديدة ، وهم يعنون بذلك مدينة أخروية  ملكوتيه ، ويفضلون تدويل القدس حتى يتوحد شطريها ، ويختم  Berger “ “ أن إسرائيل أنشئت لأسباب لا تمتّ بصلة للكتاب المقدس( (Lloyd, 1939 ,664-665

وهكذا توصل بعض الحاخامات والمتدينين بأن الادعاء بملكية فلسطين ليس صحيحا أو شرعيا ، وأنّ لا علاقة كون المرء يهوديا أنه ينحدر من سلالة إبراهيم ، فقد اعتنق اليهودية كثيرون ممن انحدروا من سلالات أخرى ، مثل يهود مالايار السود و الفلاشا الإثيوبيين وزعماء إسرائيل السياسيين والمهاجرين اليهود الذين جاءوا معظمهم من أوروبا وروسيا وأمريكا ـ ويرجعون في أصولهم إلى يهود الخزر ، أي أنهم من الروس القوقازيين ، الذين هم يهود بيزنطة في منتصف القرن الثامن ( Antonius , 1938 ,248) ، ويرى بعض اليهود أنّ ارتباطهم بفلسطين روحيا وليس ماديا ، إذ يقول ” Edwin Montagu  ” – الذي كان وزيرا لشؤون الهند في وزارة لويد جورج التي أقرّت وعد بلفور – مخاطبا زملاءه المسيحيين في تلك الفترة ” إنني كيهودي لا أعترف بأنّ فلسطين اليوم مرتبطة باليهود ، صحيح أن فلسطين تلعب دورا في التاريخ اليهودي ، لكنها تلعب نفس الدور في التاريخ المحمدي ، كما لعبت دورا في التاريخ المسيحي ” (Lloyd, 1939 , 665  ) ، ويتابع ” Edwin  “: ” لقد ظلّت الصهيونية تبدو لي عقيدة سياسية خبيثة ، وأنّ اليهود ليسوا أمة ، فلا يصح القول أن يهوديا إنجليزيا ويهوديا مغربيا ينتميان لأمة واحدة ، إلا بمقدار ما يصح أن يقال أنّ مسيحيا إنجليزيا ومسيحيا فرنسيا ينتميان في الواقع إلى أمة واحدة ” (Lloyd , 1939 , 665  ).

2- أوسلو خطأ استراتيجي فلسطيني  :

قبل أن نتناول سلبيات إعلان أوسلو الذي تم توقيعه بين منظمة التحرير الفلسطينية  وإسرائيل علينا أن نقرأ البيئة الإقليمية والدولية التي أوصلت الجانبان لهذا الإعلان ، ففي كثير من الآراء أنّ مؤتمر مدريد جاء بعد خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب أمام الكونغرس الأمريكي في 6/3/1991 ، يدعو فيه إلى عملية سلام في الشرق الأوسط على مبدأ الانسحاب من الأرض مقابل السلام الذي يوفر الأمن والاعتراف بدولة إسرائيل على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338 ، واحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ( ممدوح نوفل ، 1995 ، 314) ، ولما كانت المفاوضات مطلبا إسرائيليا مقابل اللاءات العربية الثلاث – لا صلح ، ولا تفاوض ، ولا اعتراف – التي كانت إحدى نتائج القمة العربية الرابعة في الخرطوم من 28/8-1/9 /1967 ، وذلك بعد أشهر من حرب حزيران التي خسرها العرب وسقطت فيها القدس والضفة الغربية بيد الجيش الإسرائيلي بالإضافة لقطاع غزة وسيناء والجولان السوري ( هيكل ، 1996، 75 ) .

بعد ذلك شهد العالم تطورات عديدة كان لها الأثر السلبي على قضية فلسطين برمتها ، وكان من أهم هذه التطورات خروج المقاومة الفلسطينية من الجنوب اللبناني المجاور لإسرائيل واستضافة قيادتها من قبل تونس التي تبعد عن فلسطين لا يقل عن ثلاثة آلاف وخمسمائة كيلو مترا ، وتوالت التغيرات في المشهد الدولي بانهيار الاتحاد السوفياتي في 26 / 12/ 1991 الحليف العربي الأقوى والقطب الآخر في السياسة الدولية ، وتحوّل وريثة الاتحاد السوفياتي روسيا الاتحادية نحو التطبيع مع أوروبا وأمريكا الحليف القوي لإسرائيل ( مصالحة ، 1994، 28 ) ، بالإضافة لحرب الخليج الثانية عام 1991 – عاصفة الصحراء – التي أحدثت انقساما حادا في الساحة العربية ، وتحطيم القوة العسكرية العراقية التي شاركت كثيرا في مواجهة إسرائيل ( بهلوان وصالح ، 2016 ، 546) ، ومن قبل ذلك خروج مصر من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي بعد معاهدة السلام عام 1979 بين مصر وإسرائيل ، وبعد اللاءات الثلاث وافق العرب في قمة فاس بالمغرب عام 1982 على مشروع سلام عربي أطلق عليه “مشروع الأمير فهد ”  يدعو إلى انسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية مقابل الاعتراف بها ، وقيام منظمة التحرير الفلسطينية بنبذ العنف والاستعداد للاعتراف المتبادل مع إسرائيل , وتمّ إعلان ذلك في دورة المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشرة في الجزائر عام 1988 وإعلان دولة فلسطين مقابل الموافقة على القرار 242 و 338 ( خليل حسين ، 1993 ، 38 )  .

نتيجة للضغوط الأمريكية على العرب والإسرائيليين – بسبب تفردها في النظام العالمي الجديد – لعقد مؤتمر سلام في الشرق الأوسط ، تم انعقاد المؤتمر في نهاية تشرين الأول من عام 1991 في مدريد ، وكان قد سبق ذلك انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في دورته العشرين في 28 / 9/ 1991 في الجزائر وقد مهّد ذلك للتوقيع على إعلان أوسلو في 13 / 9 / 1993 ، الذي جاء ثمرة مفاوضات سرّية جرت مباشرة بين ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ، وقد جاء في هذا الإعلان تأجيل المفاوضات حول القدس واللاجئين إلى المرحلة النهائية من اتفاق السلام ، وبشكل عام ركّزت المفاوضات السرية على موضوع إعلان المبادئ مثل المرجعية والمجلس التشريعي والانتخابات الرئاسية والولاية الجغرافية والتنمية الاقتصادية ( هالتير ولوران ، 1994 ، 68) .

فمن نواقص هذا الإعلان  – وهي كثيرة – تأجيل قضيتي القدس واللاجئين إلى التسوية النهائية التي امتدت إلى ربع قرن دون الوصول إلى تاريخ محدد ، فمثلا بالنسبة لللاجئين تم إسقاط المرجعية الشرعية المتمثلة بالقرار 194 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1948 ، والذي ينص على حق العودة والتعويض ، ولذلك تعتبر إسرائيل التوقيع على إعلان أوسلو صيغة بديلة لتنظيم احتلالها لفلسطين واستغلال السلطة الفلسطينية لخدمتها وتقديم تنازلات أكثر ، وهكذا لم يشمل هذا الإعلان مضمونا كاملا للتسوية بل مجرد عناوين فضفاضة تخضع لألاعيب إسرائيل ونواياها السيئة ( عدنان حسين ، 2008 ، 93 ، حسين جمعة ، 2009 ، 17 – 18) ، كما أنّ الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل غير متكافئ ، فالمنظمة اعترفت بإسرائيل دولة حدودها آمنة ومعترف بها ، في حين اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني ، ولم تعترف إسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته على ترابه الوطني ، واقتصر الاعتراف على منح المنظمة حكما ذاتيا وحصرته بالسكان دون الأرض ( الدجاني ، 1993 ، 4 -5 ) ، ويرى الباحث “عدنان حسين ” أنّ أوسلو أعطى للفلسطينيين أقل مما أعطته القرارات الدولية بدءا من قرار التقسيم رقم 181عام 1947 ، وقرار 242 عام 1967 ، وقرار 338 عام 1973 ، كما لم يحصلوا على حقهم القانوني في إقامة الدولة ذات السيادة ( عدنان حسين ، 2008 ، 109) ، ومع أنّ تأجيل أمر الدولة الفلسطينية والقدس واللاجئين وحدودها والمستوطنات الإسرائيلية واقتسام مياه الضفة الغربية تم تأجيل كل ذلك إلى التسوية النهائية ، والتي من المفروض الانتهاء منها في أيار 1999 إلاّ أنّ ذلك لم يتم (14-15 ، 2002 ,سليتر, 22 -53, Dumper,2011) ، إنّ أوسلو أوجدت وضعا سيئا على الأرض أسوأ من النصوص وأسوأ من أيّ وضع سابق ، ولا تحمل في طياتها إلا مصيرا سيئا ، لعدم اتباع نهج آخر ( شفيق ، 1997، 35).

وأخيرا اتضح لنا أنّ أعلان أوسلو والتوقيع عليه من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية كان انتحارا أدى بالقضية الفلسطينية إلى التراجع كثيرا ، مما أعطى إسرائيل فرصة لفرض واقع جديد على الأرض في مدينة القدس ، والسيطرة عليها بهدف التحكم في إدارة الأماكن المقدسة ، وهذا ما قامت به إسرائيل بإغلاق المدينة المقدسة بالمستوطنات وعزلها تماما عن الضفة الغربية ، وصمتَ العرب عن ذلك وعن القرار الأمريكي في وقت  صد وره عام 1995 ، مما دفع الإدارة الأمريكية ممثلة بالرئيس ترامب  بتوقيع القرار بشأن القدس ، وبالتالي انتهى صراع السيادة على القدس لصالح إسرائيل .

الخاتمة : لقد جاءت الدراسة مؤكدة لصحة الفرضية والتي تنص على ( أن هناك علاقة ارتباطية بين شرعية عروبة القدس والأبعاد الاستراتيجية الفلسطينية فيما يتعلق بقوة الدفع الفلسطيني والوجود الإسرائيلي على أرض القدس ) كما أنها أجابت على الأسئلة المتعلقة بالدراسة ، وقد توصلت الدراسة إلى النتائج عدة استنتاجات هي :

1- إن للقدس أهمية كبرى في القضية الفلسطينية لكونها ذات أبعاد دينية لا يمكن تخطيها بالإضافة إلى أبعاد سياسية أخرى ذات معنى ودلالة .

2- إن الشعب الفلسطيني تردفه عدة أبعاد ذات علاقة في صراعه مع دولة إسرائيل الغاصبة لفلسطين عامة والقدس خاصة .

3- إن الوجود الإسرائيلي في القدس غير شرعي ويلقى معارضة حتى من اليهود أنفسهم .

4- إن إعلان أوسلو الذي تم التوقيع عليه في الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر خطأ استراتيجي واضح في حق القضية المقدسية .

هذا وقد استوجبت الاستنتاجات السابقة عدة توصيات هي :

1- ضرورة التركيز على الوحدة الوطنية الفلسطينية في الصراع تجاه القدس خاصة وفلسطين عامة .

2- التأكيد على أن القدس العاصمة الروحية والسياسية والاقتصادية لدولة فلسطين في المحافل الدولية ، والمؤتمرات العالمية والمحاضر المتداولة في المعاملات الرسمية .

3- وقف المفاوضات مع إسرائيل خارج إطار القرارات الدولية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع والمصادر

أولا : الكتب باللغة العربية :

– إدوارد، سعيد ( 1995 ) : أوسلو سلام بلا أرض ،  دار المستقبل العربي ، بيروت 1995.

– حسين ، عدنان ( 2008 ) : التسوية الصعبة : دراسة في الاتفاقات والمعاهدات العربية الإسرائيلية ، ط1 ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت .

– خليل ، حسين ( 1993 ) : المفاوضات العربية الإسرائيلية ( وقائع ووثائق )، بيسان للنشر والتوزيع ، بيروت .

– الدقاق ، إبراهيم ( 1999 ) : القدس عالم بلا حدود ، منشورات نقابة المهندسين ، بيروت .

-سرحان ، عبد العزيز ( 1996 ) : نظرية الدولة في القانون الدولي والشريعة الإسلامية ، دار النهضة ، بيروت .

– سموحي ، عبد العزيز محمد (2010 ) ، أضواء على الدبلوماسية ، الجزء الأول ، دار صميم ، الدار البيضاء .

– سويد ، ياسين ( 1997 ) : حروب القدس في التاريخ الإسلامي والعربي ، الطبعة الأولى ، دار الملتقى للطباعة والنشر ، عمان .

– الشريدة ، خالد ( 2014 ) : عروبة القدس : في الأسفار التوراتية والنصوص التاريخية الحضارية ، الطبعة الأولى ، مؤسسة حمادة للدراسات   ، اربد   ،  دار اليازوري ،  عمان  .

– أبو شريعة ، حمزة اسماعيل ( 2015 ) : مستقبل القدس واحتمالات الحلول ، بحث منشور في كتاب ، تحرير  : محمد عوض الهزايمة ونعيم عليوة ، معهد بيت الحكمة ، جامعة آل البيت .

– شفيق ، منير ( 1997 ) : أوسلو 2 المسار والمآل ، ط2 ، دار المستقبل للدراسات للنشر والإعلام ، الخليل .

– شهاب ، مفيد  ( 1990 ) : المنظمات الدولية ،الطبعة ( 10) ، دار النهضة العربية ، بيروت .

– الطاهر ، عبد الباقي ( 2009 ) : الأبعاد الاستراتيجية ، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة .

– عبد التواب ، مصطفى ( 2010 ) : ضياع القدس مسؤولية من ؟ ، كتاب الجمهورية ، القاهرة  .

– القرضاوي، يوسف ( 1994 ) : حقيقة الصراع بين المسلمين واليهود على أرض فلسطين ، تحرير إسحق فرحات في ( فلسطين والوعد الحق ) ، ط1 ، مطبوعات شركة الراشد ، إسبانيا.

– كريم ، منصور ( 2017 ) : التحولات الإقليمية في المشهد العربي وتأثيرها على قضية القدس ، مؤسسة القدس الدولية .

– محمود، الشيماء محمد ( 2015 ) : مستقبل القدس واحتمالات الحلول ، بحث منشور في كتاب ، تحرير  : محمد عوض الهزايمة ونعيم عليوة ، معهد بيت الحكمة ، جامعة آل البيت .

– مراد  ، محمد  ( 1996 ) : المدارس التاريخية الكبرى : دراسات نظرية في مناهج البحث وفلسفة التاريخ ، ط1 ، دار الفقيه ، بيروت .

– المسيري ، عبد الوهاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ( الموجزة ) ، ط3 ، دار الشروق ،القاهرة 2006  .

– مصالحة ، عمر(  1994 ) : السلام الموعود : الفلسطينيون من النزاع إلى التسوية ، دار الساقي ، بيروت .

– نوفل ، احمد سعيد ( 2015 ) : الأبعاد الاستشرافية في التحولات المستقبلية للقدس الشريف ، بحث منشور في كتاب ، تحرير  : محمد عوض الهزايمة ونعيم عليوة ، معهد بيت الحكمة ، جامعة آل البيت .

– الهزايمة ، محمد عوض ( 2011 ) : القدس في الصراع العربي _ الإسرائيلي  ، بحث منشور في كتاب ، دار الحامد للنشر .

– هيكل ، محمد حسنين  ( 1996 ) : سلام الأوهام : أوسلو – ما قبلها وما بعدها ، الكتاب الثالث ، دار الشروق ، القاهرة .

الكتب المترجمة :

– جان – مارك كواكو ( 2001 ) : الشرعية والسياسة ، ترجمة خليل الطيار ، المركز العلمي للدراسات ، عمان .

– سليتر ، جيروم (2002 ) : دراسات عالمية : انهيار العملية السلمية الفلسطينية الإسرائيلية ، أين الخلل ؟ ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية .

– ماريك ، هالتير و إريك لوران ( 1994 ) : مجانين السلام : القصة السرية لمفاوضات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ، الطبعة الأولى ،  ( ب . ، ) بيروت.

4– هداوي ، سامي ( 1982 ) : الحصاد المر : فلسطين بين عامي 1914 و 1979 ، ترجمة فخري يغمور ، الطبعة الأولى ، منشورات رابطة الجامعيين في محافظة الخليل ، الخليل .

المجلات العربية :

– الأزعر، محمد خالد : القدس عاصمة للثقافة العربية 2009 ، مجلة شؤون عربية ، العدد ( 140 ) ، شتاء 2009 .

– الجدبة ، فوزي  ( 2011 ) : الاستيطان الإسرائيلي في شرقي القدس 1967 – 2009.. دراسة في الجغرافيا السياسية، مجلة جامعة الأقصى (سلسلة العلوم الإنسانية)، المجلد 15، العدد 2،  السنة 2011 .

–  الدجاني ، أحمد صدقي : ” حول الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي ، قراءة تحليلية لاتفاق الاعتراف المتبادل : اتفاق مملى ” ، مجلة المستقبل العربي ، السنة (16) ،العدد ( 178 ) ، كانون الأول 1993  – الزاملي  ، ماجد : التمييز بين الشرعية والمشروعية ، الحوار المتمدن ، مجلة إلكترونية ،  العدد 4499 ، 1 / 7/2014 .

– جمعة ، حسين : مصير القدس في ظل مشروع التهويد ، مجلة جامعة دمشق  ، عدد خاص القدس عاصمة الثقافة العربية ، دمشق 2009 .

– خير ، فاطمة : البعد الدولي بقضية اللاجئين الفلسطينيين ، مجلة صامد الاقتصادي ، السنة ( 18 ) ، العدد ( 105 ) آب – أيلول 1996 .

– زكريا  ، جاسم : مدينة القدس والنظام الدولي ” إشكالية المكانة ومشكلة الإمكانات ” ، مجلة جامعة دمشق ، عدد خاص عن القدس لعام 2009 .

مخول ، أمير : موقع القدس في القضية الفلسطينية ، مجلة شؤون عربية ، العدد 140 ، شتاء 2009 .

التقارير:

التقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنة 2011 ، تحرير محسن محمد صالح ، مركز الزيتونة للاستشارات ، الطبعة الأولى ، بيروت 2012  .

References :

– Abu-Amr, Z. (1995). ‘The Significance of Jerusalem: A Muslim Perspective , Palestine -Israel Journal 2, pp. 23-31.

-Antonius , George, (1938 ) : The Arab Awakening , Hamish Hamilton , London  , P. 248

– Armstrong . Karen , ( 1997 ) : Jerusalem , one city , three faiths , New York , Ballantine Book.

– Ross , Dennis , ( 2004 ) : The missing peace , New York, p. 803 .

–  Derek T. Tubman , ( 2012 ) : Intractable Conflict : The Israel-Palestinian Conflict and Jerusalem Issue Examined , Ottawa University  .

– Dumper , Michael , ( 2011 ) : “ Israeli Settlement in the old city “, Journal of Palestine studies , vol. XXI , No.84 , pp. 22-53 .

–  Saead ,  Edward ,  ( 1995 ) : Peace and it’s Discontents: Gaza- Jericho 1993-1995,P. 2 .

–  Eli . E. Hertz , ( 2011) : Jerusalem : one nation’s capital  throughout history , Mythis & Facts Inc. , Forest Hills , N.Y. 11375.

-Golden , Galia , ( 2011 ) : Israel’s positions in Jerusalem , Palestine – Israel Journal , Economics & Culture No.17 , March , pp.207 – 213 .

– Jeffries. Joseph , ( 1939 ) : Palestine : The Reality , Longmans ,Green &Co. , New York  , pp. 237 -238 .

– Jim , Zanotti , ( 2017 ) : Israeli : Background and U.S.A . Relations in Brief , U.S.A Congress Researches Service  .

– Lloyd, George , (1939 ): Memoirs of the peace conference, Newhaven: Yale University Press , pp. 664 -665 .

–  Luke Charles & Keith-Roach, Edward , ( 1930 ) : Handbook of Palestine and Transjordan , MacMillan , London , pp. 233-234 .

-Maurizio Scaini , ( 2001 ) : The Jerusalem Issue in International Politics, Geographic Sloverica , University of Trieste, Faculty of Political Science, Italy .

– Menachem ,  Klein , ( 2001 )  : Jerusalem : The contested city , New York , p. 21 .

–  Paolo,  Napolitano , ( 2012 ) : Jerusalem : The Heart of Israeli-Palestinian Conflict , European Union , Brussels  .

– Hasson , Shlomo , ( 2007 )  : Jerusalem in the future , the challenge of transition , The Floersheimer Institute for policy Studies Ltd, Jerusalem .

– Yaacov Bar-Simon Tov, ( 2010 ) : Barriers to Peace in the Israel- Palestinian Conflict , Konrad Adenauer Stiftung , The Jerusalem Institute for Israeli Studies , Jerusalem

–  William B, Quandt , ( 1971 ) : Palestinian Nationalism : : it’s political and military dimensions , California .

 

 

لتحميل الملف انقر هنا optional file name