
تعودت أن أكتب عند مرور ذكرى النكبة، ونتناول ما يستجد فيها، لكن في هذه الذكرى 2024 لم يخطر ببالي أن نكبة عام 1948، جاء بعدها نكبات للشعب الفلسطيني، هذه النكبات أخذت منحى آخر، وظنّ الغاصب أنه امتلك الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني، وانتهى الأمر ولم يعد هناك جديد.
الجديد في الامر أن وجود الصهاينة المحتلين على أرض فلسطين كانت نكتة ونكتة عربية بالتأكيد والسبب أن حرب عام 1948 كانت مسرحية كما معظم الحروب العربية الاسرائيلية، سقط شهداء كُثر من الفلسطينين والعرب، لكن هؤلاء الشهداء ظنوا أنهم جاءوا ليحرروا فلسطين وهم على نياتهم ارتقوا إلى مرتبة الشهادة وهم شهداء عند الله ولا نزكيهم على الله.
في هذه الأيام تدور رحى الحرب على ما تبقى من فلسطين قطاع غزة والضفة الغربية، فكل يوم في الضفة والقطاع ىيسقط الشهداء من أجل تحرير فلسطين، فصادف تاريخ النكبة مع تاريخ انعقاد مؤتمر القمة العربية. فكانت نتائج القمة مروعة ومخيفة لاسرائيل بسبب الطلب منها – أي اسرائيل – إيقاف الحرب على غزة التي بدأت منذ السابع من أكتوبر لعام 2023 وما زالت حتى يومنا هذا، ومعنى أن تطلب الدول العربية من اسرائيل إيقاف الحرب هو اعتراف صريح من قبل القمة باسرائيل، والسؤال هنا هل تستجيب اسرائيل لهذا الطلب؟ الجواب طبعًا لن تستجيب لأنها تعرف ومتأكدة أنه لن يدفع العرب بقواتهم تجاهها حتى تخاف وتحسب حسابًا لهم، وكذلك لن تخشى اسرائيل نتائج القمة العربية، فالقمم التي كانت قضية فلسطين على جداولها ثلاث وثلاثون قمة، أي منذ عقد أول قمة عربية عام 1946 قمة أنشاص وبقيت تتدحرج وتتضاءل المواقف حتى باتت القضية فلسطينية اسرائيلية فأصبح العرب وسطاء كما أي دولة أخرى، فاسرائيل التي يحكمها فريق من المتطرفين الإرهابيين يؤمنون إيمانًا قاطعًا أن الشعب الفلسطيني لا أرض له ولا دولة ولا حتى وجود، ولا يؤمنون بغير ذلك سوى التهجير إلى أوروبا أو بلدان العالم الآخر.
فهل العرب على استعداد لمواجهة اسرائيل عسكريًّا؟ طبعًا لا وألف لا، لأن أمريكا سند قوي لاسرائيل بالمعنى العضوي والاستراتيجي والعسكري، ولا تستطيع الأمة مواجهة اسرائيل، وهل تقبل اسرائيل أن تعتبر الشعب الفلسطيني جزءًا من دولتها؟ أظن كذلك لا تقبل لأن التغيُّر الديموغرافي لن يكون في مصلحتها استراتيجيًا.
إذن نحن أمام فكرة دولة ولا دولة للشعب الفلسطيني، وسلطة بلا سلطة، قد يؤول ذلك إلى ما يسمى حكم ذاتي، بمعنى أن يكون القادة الفلسطينيون رؤساء بلديات لا أكثر ولا أقل، ويبقى الاستيطان كما هو والأمن بيد اسرائيل لمقاومة كل من تسوّل له نفسه أن يقاوم الاحتلال.
والسؤال الذي يطرح أن القضية الفلسطينية اكتسبت زخمًا شعبيًّا عالميًّا فهل هذا يفيدها ؟ العالم الغربي ينقسم إلى قسمين قسم مؤمن بحل الدولتين ويحتاج ذلك سريعًا، وأمريكا القسم الآخر تناور بحل الدولتين لكنها لا تريد أن تضغط على اسرائيل خوفًا من افتعال الفوضى بالأدوات العسكرية التي تمتلكها في المنطقة.
وأخيرًا نقول أن الوحدة الفلسطينية للقضية أهم من التيارات التي تتناكف مَن على حق ومَن على باطل، لم يبق شيء يتقاتل عليه هؤلاء القادة، بقيت فلسطين قضية تاريخية في الذاكرة، سواء كان ذلك في ذكرى النكبة أو في غيرها.