
غريب جدا أن نسمع ونشاهد المتناقضات في السياسة والدبلوماسية التي تمارس بشكل فاضح وواضح ، حتى أنّ الناظر يظن أنه يعيش في غابة ، فالحق الواضح يتحول إلى باطل بقوة القوة والباطل يصبح حقا بنفس القوة ، ما شهدناه أمس على القنوات الفضائية أمس الخميس 18/4/2024 في موضوع طلب الجزائر والمجموعة العربية بقبول عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة ، حيث انتهى الطلب بالفشل – المعروف مسبقا – بتصويت 12 دولة لصالح القرار ، وامتناع فرنسا وبريطانيا لعلمهم أنّ الولايات المتحدة ستقوم باستخدام حق النقض لإبطال القرار ، والسؤال الذي يحضرني كيف تسعى أمريكا لقبول حل الدولتين وفي نفس الوقت تعترض على قرار مجلس الأمن ؟ ربما يكون التفسير الأهم أنّ هذا القرار يعني في مضمونه أن إسرائيل تحتل دولة فلسطين ، وهذا ما يدعوا إلى تحمل المحتل تبعات الاحتلال ، أما رأي الولايات المتحدة فهو عدم قبول ما يفرض عليها بالقوة على العضوية الكاملة لفلسطين ، وأنها ستسعى إلى حل الدولتين بالمفاوضات …. وهنا مربط الفرس ، فما وراء ذلك ؟ أعتقد جازما أنّ أمريكا بالاتفاق مع إسرائيل ستجّرد القضية الفلسطينية من ملفات كثيرة من أهمها : ملف اللاجئين المتضمن حق العودة ، والقدس ، السمتوطنات ، الحدود ، المياه ، وأخيرا الطاقة ، كما أن الإدعاء الأمريكي أنّ السلطة غير جاهزة بمؤسساتها للحكم ، وإسرائيل لن تسمح للسلطة وغيرها بأن تستعيد تنظيم نفسها ، ناهيك عما يجري في غزة التي تم مسحها من على الخريطة وسكان محافظاتها يتنقلون من مكا ن غير آمن إلى مكان آخر أقل أمنا ، وحين تتوقف الحرب سيكون القطاع كله مكون من مجموعة خيام .
فهل أمريكا التي أعلنت جهارا نهارا أنها لن تتخلى عن إسرائيل وأمنها ستوافق على قيام دولة فلسطينية ؟…. هذا هراء وكذب وضحك على الذقون ، لماذا قبلت الأمم المتحدة إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة تمارس حقوقها كأي دولة أخرى منذ عام 1949 مع أنه كان مشروطا عليها أن تطبق القرارات الدولية في حينه ، ولكنها لم تطبق أي قرار منذ قيامها .
كل العالم الغربي بمؤسساته الرسمية حشد جيوشه واساطيله لحماية إسرائيل من مجموعة مقاومين يسعون لتحرير أرضهم ، وكلهم يقفون في وجه الفلسطينيين ، وكلهم يكذبون على شعب تشتت وتم تمزيقه وتهجيره خارج وطنه ، وبقوة الأقوياء تنازل عن ثلاثة أرباع وطنه مقابل أن يعيش على ربع أرضه ….ومازال ينتظر منذ خمس وسبعين عاما …. فيا أيها الشعب الفلسطيني هذا عالم كذاب لن ينصفوكم ، إن لم تنصفوا أنفسكم .