مؤسسة عين السلطان للدراسات

إلى أين نتجه ؟…..إلى أين نسير ؟ ….كيف نعرف أو نفهم مايجري؟ ….نسمع التصريح وضده … نشعر بالبؤس ونحن جالسون أمام القنوات الفضائية ….ننتقل من قناة إلى قناة ، ومن فضائية إلى أخرى …. نسمع التحليلات والروايات الصحيحة والكاذبة والمختلقة في آن واحد ، القنوات سرقت منا ليلنا ونهارنا وساعاتنا ودقائقنا دون أن ندرك شيئا ملموسا أو مفرحا ، نشاهد القنابل والصواريخ تنفجر ، ونشاهد من يقتنصون دبابان العدو وجنودهم …لكننا في ذات الوقت نسمع العويل والبكاء والنواح والصراخ … نشاهد الأطفال يبكون ويصرخون أين ماما وبابا ؟ وفي اللحظة نفسها نرى بيوتا من طبقات تهدّم على رأس ساكنيها …..فتسمع أبواق السيارات وزواميرها وهي مسرعة لإنقاذ الأسر التي قضي عليها العدو ، كما نشاهد الجوعى والبائسين … ونشاهد وجوها حزينة  ، كم هي مآساة  شعبنا !! …. يموت كل يوم وينتظر الفرج  كي يتناول كسرة خبز ناشفة ، ونشاهد الشاحنات متقاطرة وكأنها حملت كل خيرات الأرض إلى غزة ، وليس في غزة ما يسدّ رمق الذين يتضورون جوعا والعرب والمسلمين يشاهدونهم ، حتى لا يجدوا حبة ريفانين تسكن أوجاعهم ، ماذا نقول حين نلقى الله ويحاسبنا على برودنا وبلادتنا ؟ … مستشفيات مردمة وخاوية من الأدوية تنتظر الفرج من الله ومزدحمة بالشهداء والجرحى ، وخيام نصبت من جديد لمن لا يعرفون أين يواجهون الطائرات القاذفة والمدافع والدبابات وصواريخ العدو ، والعالم يخرج إلى الشوارع يصرخ فلسطين حرة … ومؤسسات العالم من أمم متحدة إلى مؤسسات شعبية لا تقدّم ولا تؤخر …. يا ويل هذا العالم الذي يتفرج على شعبنا ، يموت ويدفن بالعشرات ، لا بل بالمئات ، حتى لم يبق مساحات لم يدفن فيها شهيد ، دُفنوا في ساحات المستشفيات وفي الحدائق والملاعب ، وجٌرفت البيوت والبنى التحتية من مجاري وتصريف مياه ، وصلت المرحلة أن الناس كانوا يرسلون أبناءهم إلى البحرالمالح ليشربوا من مياهه، هناك أشياء لم نذكرها ونحن في فصل الشتاء ، الخيام التي لاتمنع المياه والوحل الذي تحمله أقدام الأطفال والآباء والأمهات ، ناهيك عن نزوح الناس ولم يستطيعوا أن يحملوا معهم شيئا …. لا غطاء …لاملابس …لا فرشات ولا أغطية …فرار من مكان إلى مكان ولا مكان آمن ….جوع …وعطش … ومرض … وموت … وجرحى …. كل ذلك نشاهده أمام أعيننا ولا نفعل شيئا كأمة .

ومع كل ما ذكرناه نشاهد الإصرار في عيون الأطفال والشيوخ والنساء ، فلا أحد يفكر في ترك بيته المهدّم ….غزة أصبحت أكوام من الركام والدمار … لكنّ أهلها لا يخشون الموت ولا يفكرون بترك بيوتهم المدمرة …. لا يدرك الأعداء ماذا سيفعل ذلك بنفسيات الأطفال والعائلات التي مُسحت من سجلات الأحوال المدنية ، وماذا ترجو من طفل فقد عائلته ولا يعرف أين سيذهب ؟ …رباه ما هذا الذي يحدث بحق قطاع غزة ؟ شاهدنا أفلاما هوليودية عن الحروب في العالم فلم نرى ما يشبه ما صارت عليه غزة !!!.

وتتوالى قناواتنا العربية بعرض آراء المحللين السياسيين والاستراتيجيين ، فتشاهد ألوانا من هؤلاء الذين تعاقدت معهم الفضائيات العربية من عجم وعرب ، فتظن أنك تسمع شيئا يبهرك ، وحتى لا نكون ظالمين منهم من يحلل المشهد العسكري والسياسي بطريقة فذة ، ومنهم من يساير سياسة القناة ، ومنهم من هو يجانب الحقيقة – مع أننا نعلم أن لا حقيقة مجردة – ومنهم من يكذب علينا حتى نصدقه ، ومنهم من يستغلّ عواطفنا ويؤججها و….و… و….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *