
إنّ قصف المستشفى المعمداني في غزة من قبل إسرائيل ، والذي أودى بحياة أكثر من أربعمائة وسبعين فردا ، وكذلك أكثر من ألف جريح كان بمثابة رسالة إلى الرئيس الأمريكي لإفشال الاجتماع الرباعي الذي كان سيعقد في عمان يوم 18/10 /2023 ، نسأل ما هدف نتنياهو من وراء ذلك ؟ ربما توقع رئيس وزراء إسرائيل أنه سيتعرض لضغط من الرئيس بايدن ، ولذلك باشر هذه الضربة لكي يتحاشى أي ضغط هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى فإن بايدن يريد مساعدة إسرائيل وهذفه إسقاط نتنياهو كما يسعى إلى المشاركة في تنظيف قطاع غزة من حماس .
لكنّ نتنياهو يريد رسم خريطة جديدة للمنطقة حيث صرّح : بأنه بعد هذه الحرب ومسح حماس سيكون هناك شرق أوسط جديد ، ماذا يقصد بالشرق الأوسط الجديد ؟ يقول جون بولتون : بعد التخلص من حماس يجب ضم قطاع غزة إلى مصر والضفة الغربية للأردن ، بعد ست وخمسين سنة والمعاهدات والمفاوضات والحروب والدماء التي سالت تتحدث يا سيد بولتون عن إعادة الوضع كما كان عليه قبل الخامس من حزيران عام 67 19 ، لا أحد من الفلسطينيين يكره الوحدة العربية سواء كانت مع الأردن او مع مصر ، ولماذا الآن فالمفروض الانسحاب من زمان قبل أكثر من نصف قرن ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه على بولتون ما مصير الهوية الفلسطينية ؟.
إذا وظّف نتنياهو قصف المشفى المعمداني لإفشال لقاء عمان ، وهويسعى إلى الحرب البرية والدخول إلى غزة بهدف معلن سحق حماس متضمنا هدفا شخصيا في الحفاظ على موقعه والابتعاد عن المحاكمات التي تنتظره ، ولهذا قرر إعلان الحرب على غزة وأراد بذلك أن يختبء خلف الحرب ليحقق نصرا مكافئا لنصر المقاومة وكسر هيبة الجيش الإسرائيلي ، فهل فعلا سيرمم هذه الهيبة أم انه سيمسح هيبة إسرائيل ويقع في فخ السقوط سياسيا وعسكريا ؟.
وفي هذه المجزرة التي وضع لها نتنياهو سيناريو بهدف التملص من غضب المجتمع الدولي ، اعتبر نتنياهو أن صاروخا موجها لإسرائيل سقط على المستشفى المعمداني من قبل الجهاد الإسلامي ، مع أنهم حذروا هذا المستشفى وغيره من مستشفيات غزة ، وهذه عادة إسرائيلية تتم حين يرتكبون مجازر بحق الشعب الفلسطيني ، لذلك طالبت روسيا بصور الأقمار الصناعية التي تثبت أن إسرائيل لم يكن لها يد في ذلك .
السؤال الذي يطرح نفسه هل ستتوقف الحرب ؟ الجواب لن تتوقف لأن الزيارة الأمريكية شاركت مع جنرالات إسرائيل في مجلس الحرب الإسرائيلي وإعطاء الضوء الأخضر للجيش ، كما أعلن بايدن بأن إدارته تتبرع بعشرة مليارات دولار لإسرائيل ، وللأسف الشديد أن الشرق الأوسط أصبح محجا للأوربيين ليظهروا إنسانيتهم وأخلاقهم الرقيعة إلى جانب إسرائيل ، والأوروبيون لايرون هم والأمريكان إلا بعين واحدة ، فالقتل والتنكيل بالشعب الفلسطيني يتمّ يوميا وتدنيس المسجد الأقصى مستباح ولم يستنكر أحد من هؤلاء الذين ذكرناهم ، ماذا تريدون من الشعب الفلسطيني أن يقف متفرجا على ما يجري في الضفة يوميا ؟ .
ولننتظر القادم من الأيام ماذا ستحمل لنا من الأعاصير والعواصف التي ستهب على منطقتنا في المشرق العربي ؟ لأن إسرائيل مصرّة على الدخول إلى غزة وإن كان دخولها خاسرا وسيؤلمها أشدّ إيلاما ، “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون “.