
إسرائيل في حالة اشتباك مع نفسها ومع المقاومين الفلسطينيين – لن نتحدث عن الفلسطينيين – وسنكتفي باشباكها مع نفسها ، أولا مع نفسها فهي تبحث عن مصيرها إلى أين متجهة ؟ حيث تنقسم من خلال المظاهرات التي تجري في الشارع إلى قسمين : قسم يؤيد التطرف بكل أشكاله وآخر يناهض الحكومة والتحول عن الديمقراطية كما يدّعون بسبب إجراءات السيطرة على القضاء وتعديل بعض القوانين كي تسيطر الحكومة على القضاء ، وهؤلاء يتساءلون إلى أين نحن ذاهبون ، و ما هو مصيرنا في المنطقة ؟ والمتطرفون يقومون بكل أنواع التعسف ضد المهاجرين من أرتيريا ، وهؤلاء يعدُون أكثر من ثلاثين ألف نسمة جاءووا للعمل في إسرائيل والآن تفكر بطردهم أو ترحيلهم مع أن بعضهم يهود أو اعتنقوا اليهودية ، ولهذا تعتبر الدول الغربية أن هذا مخالف للقانون الدولي ، وهي تسعى لنقاء الدولة ، ونقول في أمثالنا ” أول الرقص حيجلان ” .
ومن جهة أخرى تصريحات المسؤولين المتطرفين حول موقفها من أوكرانيا وحربها مع روسيا ، مع أنّ بوتين قال فيما سبق أن لديه في إسرائيل حزب يصل تعداده مليون نسمة ومعظمهم ليسوا يهودا ، وهنا تكمن المشكلة ، ولعل من مفارقات القدر أنّ الاتحاد السوفياتي اعترف كأول دولة بقيام دولة إسرائيل ، وكان ذلك صدمة للأحزاب الشيوعية في العالم العربي ، فهذ ا يعني أن أسيادهم في الكرملين آنذاك أعترفوا بدولة إسرائيل ، وكان لهم قصب السبق في ذلك قبل أمريكا وريثة الإمبراطورية البريطانية صاحبة وعد بلفور .
واليوم يخرج علينا نتنياهو بقرار تدشين الحائط الحدودي بين الأردن وإسرائيل ومعها الضفة الغربية ، بحجة حماية حدودهم من تهريب السلاح والذين يدخلون من أجل العمل ، وهذا القرار الذي يدشن حائطا عنصريا يجعل من إسرائيل دولة مخبأة خلف أسوارها مابين منطقة السلطة الفلسطينية والخط الأخضر ، وجنوب فلسطين مع مصر ، وها هي تسعى لبناء أسوارها شرق الضفة ومع الأردن ، ويعني ذلك أن الضفة الغربية أصبحت سجنا كبيرا له أبواب من ناحية الخط الأخضر وباب من الشرق مع الأردن ، فهل هذه الدولة التي تحاصر نفسها بالأسوار وتبني لها قلعة على مساحة فلسطين التاريخية تسعى للسلام ، في كتابه الشرق الأوسط الجديد يرى شمعون بيرس أن الليكود والمتطرفين جماعة متخلفة ، وهم فعلا كذلك لأنهم لم يقرأوا التاريخ ، قلاعٌ كثيرة هدمت في بلادنا العربية ورحل المحتلون … فهل ستبقى إسرائيل بقلعتها في وسط أربعة عشر مليون كيلو متر مربعا ؟ .