
قسّم بايدن رئيس الولايات المتحدة في خطابه مساء اليوم الأربعاء 12/7/ 2023 في لتوانيا – بمناسبة انعقاد مؤتمر حلف الناتو – العالم إلى قسمين : عالم حر يتمتع بالحرية والكرامة وحقوق الإنسان والديمقراطية ، وعالم آخر كتبت عليه العبودية وخلُعت عنه عباءة الكرامة وحقه الإنساني ، وليس من حقه أن يمارس الديمقراطية والإنسانية والكرامة ، ويهاجم بايدن روسيا الاتحادية – وهنا لا أدافع عن أحد – واحتلالها أرض الغير بالقوة ، وأنّ هذا غير جائز من قبل روسيا ، وأن حلف الناتو سيبقى مدافعا عن أكرانيا وداعما لها بالسلاح حتى تستعيد ما تم أحتلاله من أرضها ، ولن يتخلّى حلف الناتو عن أوكرانيا ، وطالب زيلنسكي في كلمته أمام الحلف أنّ عليه ضمان حماية أوكرانيا من روسيا الاتحادية .
كل ذلك تم في لقاء حلف الناتو ، والكلمات التي أكتبها ليست من تأليفي وإنما وردت في خطاب الرئيس الأمريكي ، والأسئلة المطروحة على العالم المتحضر الذي يؤمن بكرامة الإنسان وحقه وعدم جواز احتلال الأرض بالقوة ، هل هذه المقولات لا تنطبق على الشعب الفلسطيني ؟ ، وهل الشعب الفلسطيني ليس من طينة البشر الذي يتحدث عنهم بايدن ؟ قبل بضعة أيام دخلت القوات الإسرائيلية مدججة بالسلاح والعتاد والآليات الثقيلة والخفيفة إلى جنين ومخيمها ، فهل غضب العالم الحر لما جرى من قتل وجرح وأسر وهدم بيوت وتجريف شوارع المخيم ؟ ، فهؤلاء الذين قاوموا الاحتلال مضى على احتلال أرضهم أكثر من ست وخمسين سنة ومازال الاحتلال قائما ، أما المخيم فسكانه من الذين أٌخرجوا من بيوتهم وقراهم ومدنهم قبل خمس وسبعين عاما … أفلا يحق لهم مقاومة المحتل ببنادق وسلاح فردي ، في حين أن أمريكا وحلف الناتو بأكمله يدعمون أكرانيا بكافة أنواع السلاح الخفيف والثقيل والمتطور … وحتى المحرّم دوليا مثل القنابل العنقودية .
فهل الاحتلال في أكرانيا غير الإحتلال في فلسطين ؟ الشعب الفلسطيني يقاوم منذ مئة عام وما زال ، فهل تحضّر العالم وألزم نفسه بحق الشعب الفلسطيني ؟ مع أنّ الحرب الروسية الأكرانية لها سنتان فقط ، والشعب الفلسطيني في الشتات له خمس وسبعون عاما وما تبقى له أكثر من نصف قرن ، والقوات الاسرائيلية تقتل منهم كل يوم وتجرح وتسجن وتهدّم بيوتهم دون سابق إنذار ، وتفرض عليهم قيودا ونقاط تفتيش تقيّدهم عن الحركة وحتى زيارة المرضى والقبور .
إذن اين المباديء والقيم الأمريكية تجاه الفلسطينيين ؟ ، عشنا حروبا أمريكية من فيتنام إلى ماشاء الله ، فرأينا أنّ هذه القيم والمباديء تبخّرت في تلك البلدان التي تعرضت للغزو الأمريكي ، وخرجت من هذه البلدان تجرّ أذيال الخيبة ، وتركت فيها الفساد ضاربا أطنابه ، وهذا ما جعل هذه البلدان تعيش حياة ما قبل مائة عام ، فهل هي للنشر والخطابات فقط ؟.