
على مدار العقود القليلة الماضية، شهدت تركيا تغيرات سياسية جذرية منذ تأسيسها في عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك، وحتى وصول رجب طيب أردوغان إلى السلطة في عام 2003. فمن خلال هذا المقال، سنتتبع مسار التطور السياسي في تركيا من عهد أتاتورك إلى حكم أردوغان.
عند تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923، قاد أتاتورك حملة شاملة ضد الإسلام وأغى حروف اللغة التركية الأصيلة التي كانت هي الحروف العربية ، ظنا منه تحديث الدولة التركية والمجتمع فكان معجبا بالجمهورية الفرنسية . فقام بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية جذرية بهدف تحويل تركيا إلى دولة حديثة ومستقلة. قام بإلغاء الخلافة العثمانية وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي. وقد تبنت تركيا خلال فترة حكم أتاتورك فلسفة العلمانية ، منع المسلمين من الآذان في مساجدهم ، حيث تم فصل الدين عن الدولة وتبني نظام قانوني مدني بدلاً من الشرعية الإسلامية. تم تحديث التعليم وتمكين المرأة من المشاركة السياسية والاجتماعية ، لم تستقر الديمقراطية في تركيا ، ولم يستطع تحقيق هدفه بالاتجاه نحو أوروبا ، لكن الأخيرة لم تتقبل فكرة انضمام تركيا لها عدا ضمها لحلف الناتو .
في العقود التالية، استمرت تركيا في مواجهة تحديات جديدة. في فترة ما بعد وفاة أتاتورك، تعاقبت الحكومات المدنية والعسكرية على السلطة، وشهدت تركيا عدة انقلابات عسكرية خلال فترة الخمسينيات والستينيات. في عام 1980، شهدت تركيا انقلابًا عسكريًا آخر أدى إلى فرض نظام عسكري قمعي لعقود.
ومع ذلك، في عام 2003، حقق حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان انتصارًا سياسيًا كبيرًا في الانتخابات
ووصل إلى السلطة كرئيس للحكومة. منذ ذلك الحين، شهدت تركيا تحولًا كبيرًا في السياسة والاقتصاد والمجتمع.
قامت حكومة أردوغان بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات والسياسات التي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وتعزيز دور الشعب في صنع القرار. تم تعزيز حقوق الإنسان وحرية التعبير، وتحسين الحوكمة ومكافحة الفساد. كما تم تعزيز قوة الاقتصاد التركي وتحسين معدلات النمو الاقتصادي وخفض معدلات البطالة.
ومع ذلك، شهدت فترة حكم أردوغان أيضًا توترات سياسية وانقسامات في المجتمع التركي. تعرضت البلاد لانتقادات داخلية وخارجية بسبب القمع المفترض للحريات العامة والتدخل في القضاء والصحافة. كما تسببت الأحداث السياسية المثيرة للجدل، مثل الانقلاب الفاشل عام 2016 والتوترات مع بعض الدول، في تأثير سلبي على صورة تركيا في المجتمع الدولي. واستمر أردوغان حتى وصل إلى 2023 رأس المئوية الثانية بعد أتاورك .
بالإضافة إلى ذلك، تم تبني العديد من السياسات الخارجية النشطة تحت حكم أردوغان، حيث توسعت تركيا في إقليم الشرق الأوسط وتحاول أن تكون لها دور أكبر على الساحة الدولية. ومع ذلك، هذه السياسات أثارت جدلاً وتوترات مع بعض الدول، مما أدى إلى عزوف بعض الدولاء الدوليين عن تركيا.
في الختام، تاريخ تركيا السياسي من أتاتورك إلى أردوغان يشهد تطورًا مستمرًا وتحديات كبيرة. رغم الانتقادات والانقسامات، يظل لدى تركيا إمكانية تحقيق التقدم .